كم من عالمٍ فاقدٍ للأخلاق
تمر بنا العديد من المواقف الحياتية التي تكون في بعضها متمثلة بتصرفاتٍ من بعض الذين يحملون شهادات علمية وتعليمية عالية لكنها لا تعبر أساساً عن علم ودراية وأخلاق، وفي الوقت ذاته نجد أشخاصاً بسطاء لربما لا يجيدون قراءةً أو كتابةً لكن تصرفاتهم تُعبر على مدى علمهم وأخلاقِهمُ العالية.
إن التفسير
لهذه الحالة الطبيعية هو أن التربية لا يتم أخذها من خلال الأوراق وقراءة النشرات
والمقالات العلمية والكتب، إنما ما يتم أخذه من تلك القراءة هو الثقافة، وشتان بين
التربية والثقافة؛ لذلك هناك فرق كبير في أخلاق شاب تربى على أيدي رجالٍ ثقات وبين
من تثقف من أوراق وشهادات علمية.
ابن
المُبارك – رحمه الله- قال:" مكثنا عشرين عاماً نطلب العلم، وثلاثين عاماً
نطلب الأدب، لأن الأدب عملياً لا يؤخذ من الكتب، إنما يُؤخذ من أخلاق
الرِجال".
وطبيعة
النفس البشرية تتأسى بالأمثلة الحية التي تعيش معها، والأحياء لهم تأثير أكبر من
الأموات، فعندما يتم ضرب مثالاً حياً من حدثٍ قائم له تأثير أكبر من مثال لأشخاص
ماتوا منذ زمن طويل وإن كانوا من السلف الصالح، أو من سيرة الصحابة " رضي
الله عنهم"، بالرغم من أن حياتهم كانت كلها في مواجهة الكفار وطواغيت الأرض.
فعلى سبيل
المثال عندما نذكر قصة لعابدٍ زاهد صاحب خلقٍ عظيم أو مجاهداً مقداماً من الذين
يعيشون أو عاشوا معنا وعاصرناهم، تؤثر فينا أكثر من ذلك التأثير عندما تكون قصة من
قصص السلف الصالح.
فلا بد من
حين إلى آخر تجديد القدوات للأجيال، قُدوات تكون حاضرة معها وبينها ويتلقون منها
التربية وتشارك معهم السراء والضراء، وكلما كان المعلم المربي بين أتباعه كان أثره
أكبر.
فالأب عندما
يغيب عن أولاده لمدة زمنية كبيرة قد تصل إلى عامٍ كامل يجد أن أخلاق أبنائه تجاهه
قد تغيرت.
وختاماً:
إن التربية
لا تكون من الكتب، والذين تقتصر تربيتهم على الكتب في الكثير من الأحيان لا نجد
فيهم أخلاق العلماء، والذين تربوا على أيدي أناسٌ مخلصين من العلماء والدعاة، هم
كنز وذخر الأمة الإسلامية.