المقصود بولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة !

 

الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والتوجيهات الربانية الحميدة يأخذها بعض المسلمين بمعاني غير التي قُصدت من أجله، ومن بين هذه الآيات الكريمة الآية رقم 195 في سورة البقرة في قوله تعالى :"وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ".

يقتصر الكثيرون من الناس الآية باقتصاص جزء " ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة "، ويستخدمونها في كثير من التوجيهات المغايرة لمعناها الأساسي، ولعل أخطرهم أولئك الأشخاص الذين يصدون من أراد أن يجاهد في سبيل الله فيذكرون له هذا الجزء من الآية.

اقرأ أيضاً: شروط وجوب جهاد الدفع.

ويتحجج أولئك بعد الجهاد لعدم توفر العدد اللازم لمواجهة العدو وخاصة لو كان محاربة العدو الكافر ممكنة كما هو الحال في فلسطين – على سبيل المثال لا الحصر-، أو تفوق العدو بالعتاد وما إلى ذلك، ويتناسون قوله تعالى :"كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ". سورة البقرة آية 249

ويتناسى أولئك أيضاً أن غزوة بدر الكبرى كان عدد المسلمين 314 مقاتلاً وعدد الكافرين 1000 مقاتلاً، وانتصر المسلمون انتصاراً كبيراً، والأمثلة كثيرة وكثيرة من ناحية العدد والعدة والعتاد.

ولكي لا نبتعد عن موضوعنا الأساسي وهو التعقيب على أن المجاهد في سبيل الله يُلقي بنفسه إلى التهلكة عن أسلمَ أبي عمرانَ قال: غَزونا منَ المدينةِ نريدُ القسطنطينيَّةِ، وعلى الجماعةِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ خالدِ بنِ الوليدِ، والرُّومُ مُلصِقو ظُهورِهم بحائطِ المدينةِ، فحملَ رجلٌ على العدوِّ، فقالَ النَّاس: مَه مَه لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، يلقي بيديْهِ إلى التَّهلُكةِ، فقالَ أبو أيُّوبَ: " إنَّما نزلت هذِهِ الآيةُ فينا معشرَ الأنصارِ لمَّا نصرَ اللَّهُ نبيَّهُ، وأظْهرَ الإسلامَ قلنا: هلمَّ نقيمُ في أموالِنا ونصلحُها "، فأنزلَ اللَّهُ تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بَأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ فالإلقاءُ بالأيدي إلى التَّهلُكةِ أن نقيمَ في أموالِنا ونُصلِحَها وندَعَ الجِهادَ "، قالَ أبو عمرانَ: فلَم يزَل أبو أيُّوبَ يجاهِدُ في سبيلِ اللَّهِ حتَّى دفنَ بالقسطنطينيَّةِ

فأخي الذي فكرت في الجهاد أو توقفت عنه، فلتعلم أن الجهاد هو عزٌ وشرفٌ وفريضة للدفاع عن الإسلام ونشره في كل حدبٍ وصوبٍ.

 

يناير 07, 2024