سبب هجرة المنتديات

يا لتلك الأيام والليالي الملاح التي حملت الكثير من الذكريات العظيمة معها، ومن أجملها بالنسبة لمستخدمي الإنترنت في العد الأول من القرن الواحد والعشرين هي تلك المواقع الإلكترونية التي كانت وكأنها بيوت وهي " المنتديات ".

المنتديات كانت من أكبر التجمعات في الشبكة العنكبوتية والتي تضم عدد هائل من المشتركين ( الأعضاء )، ولربما لم أنسى ذلك اليوم الذي احتفل فيه منتدى " إقلاع سوفت " بالعضو رقم مليون، وغيره من المنتديات الأخرى، ولكن ما هو سبب هجرة المنتديات.

 

" وسائل التواصل الاجتماعي "

سيكون هناك عدم إنصاف إن قلت بأن وسائل التواصل الاجتماعي – بمختلف أشكالها-، ليس لها دور كبير في ذلك، فهي توفر حوار وتواصل أسرع ومباشر ولحظي مع الآخرين.

ومن منا كمستخدمي منتديات – خاصة في الفترة من 2007م حتى 2012م، لم يكن يتمنى أن يجتمع هو وجميع أصدقاؤه في منتدى واحد ويبقى على تواصل معهم على الدوام، وهو الأمر الذي وفرته وسائل التواصل الاجتماعي.

 

" انتشار الهواتف الذكية "

لربما يقول قائل بأن السبب وراء هجرة المنتديات أيضاً هو انتشار الهواتف الذكية، فالرد هنا حتى وإن كان لها دور لكن ليس دور كبير جداً خاصة أن الكثير من المنتديات واكبت التطور وأصبحت تقدم تصاميم متلائمة ومتجاوبة مع متصفحات الهواتف الذكية.

 

" صعوبة التعامل "

وإن كان السبب بالتعذر في صعوبة التعامل مع المنتديات فلنفكر لحظة بأحد مواقع التواصل الاجتماعي وليكن مثلاً – فيسبوك-، ذلك الموقع الذي يحمل الكثير من التفاصيل المعقدة في داخله، من ناحية إنشاء الحساب الذي يحتاج لهوية حقيقية وآليات البحث في داخله والحظر وغيرها، بينما المنتدى إنشاء الحساب فيه سهل جداً ولا يطلب هوية حقيقية، وتفاصيله قليلة.

 

" القوانين والأنظمة "

للأسف كانت الكثير من المنتديات تتبع قوانين صارمة وسرعان ما يقوم مشرف أو مدير المنتدى بحظر أي عضو يرتكب مخالفة قوانين وإن كانت في بعضها مخالفات بسيطة لا تستدعي الحظر.

ولكن في يومنا هذا أصبح التساهل في القوانين في المنتديات التي لا زالت تعمل.

 

" تكرار المحتوى "

انتشرت بشكل كبير المنتديات وللأسف أصبح الكثير منها نسخة مكررة من منتدى آخر بدون إضافة أي إبداع جديد ولا محتوى ذو قيمة.

وحافظت المنتديات صاحبة المواضيع والمحتوى المميز على قوة تواجد أعضائها وزوارها وحيوتها، وحتى تاريخ كتابتي لهذا المقال فإن أحد المنتديات الذي أشارك فيه وهو " منتديات قلب فلسطين " حافظ على وجود أعضائه وزواره بقوة والسبب لم يأتي من فراغ وإنما أتى حصيلة تواجد محتوى حصري فيه وغير منسوخ لاسيما تلك المواضيع المنتشرة فيه في قسم " حصريات الأعضاء" و " كتابات الأعضاء الأدبية.

 

" مجتمع غير منتج "

أما الحقيقة المُرة هي أن نسبة كبيرة من مجتمعنا لا تميل للإنتاج وخاصة الإنتاج الأدبي والثقافي والعلمي، والأدهى والأمر حتى غير المنتجين لا يهمهم أن يبحثوا عن المفيد بين السطور بل يهتموا لتلك الكتابات القصيرة مطلقين عليها اسم دلع " تغريدات".

والكثير يقف مكتوف اليدين ويقول :"هل إن كتبت سأجد من يقرأ "، وغيره يقول:" ما الفائدة من ذلك؟!".

نُحب أن يأتي لنا كل شيء على طبقٍ من ذهب بدون عناءٍ ولا مشقةٍ أو تعب !

ولا يعلم أولئك أنهم في غالب الأحيان عندما يستخدمون محرك البحث جوجل فإنهم يتحصلون على معلومات كانت هي ضالتهم من تلك المنتديات المهمة ذات القيمة والجودة العالية، كتبها أشخاصٌ منتجون.

يناير 07, 2024